عندما نشعر بأن شخصا يحتاج إلينا، ينتظر عودة الراحل إليه، ينتظر قطرة الماء الساقطة نحوه
، عندما تمتد يد إنسان بالمعنى الذي تحمله هذه الكلمة من إحساس ومشاعر واحترام الذات
، عندما تمد يده وقلبه لأي كائن حي يحمل بعض الأحاسيس والمشاعر·
وتتساقط قطرات الندى تحمل معها بعضا من سواد الحقد، لتجلي بها ظلمة الشك، ،
ببعض من معاني الأمل والمروءة·
ولكن عندما يجد الكريم يدا تصده، كائنا يمنعه من متابعة العطاء والبذل، ويبدأ الصقيع في
تجميد مشاعره·· هنا تكمن الكارثة، لأنه كريم، والكريم إنسان عزيز النفس ، فيعرف أن
مد يده لإنسان جاحد ، لإنسان قتل المروءة في قلبه، عندما تمتد اليد لتصافح الأيدي الباردة
تشعر بقشعريرة لسبب ما قد يكون رفضه، أو التكبر الذي أعلنه فبمجرد رفضه أن تمتد يده
يبدأ البنيان بالتصدع وزجاج النوافذ بالتهشم، تبدأ الأنهار بالتدفق مقررة بأن تطرد الماء من
مجاريها، ويحزم الود حقائبه في عجل وينتظر في محطة القطار على أول رحلة متجهة إلى
أقرب قلب لعل الجرح يبرأ والألم يلتئم، ولكن بعد ماذا بعد أن تحطم القصر الذي بني من
عشرات الطوابق وزخرف بأحلى الألوان، فقد سمي هذا القصر قصر الصداقة·
ولكنها بعد أن انهارت ونضبت أنهارها، وتحطم زجاج النوافذ، وتهشمت الجدران الوردية،
وحرقت حدائقها لم تعد تلك الصداقة المعهودة فقد أصبحت خيانة بل نكرانا للجميل، وفي
تلك اللحظة يموت الإنسان الذي في داخلنا، وتذبل زهرة الصداقة ، بل وتصبح كلمة
الصداقة مجرد أحرف بلا معنى ، مجرد ذكريات تحدت الأمواج فغرقت ، فتجلس مع الحنين
تصارع أمواج النسيان فتستنجد الوحدة لعلها تسعفك بقليل من الصبر فلا تبصرها إلا
وهي تلملم العبرات والدمعات المنسكبة، وترحل··